06/01/2010م

بقلم / أ. فرج أبوطير :

الدعاة إلي الله تعالي يحملون رسالة الأنبياء – عليهم السلام – للناس جميعاٍ – وهي أشرف الرسالات وأتم التشريعات – ومن هنا وجب علي الدعاة أن يكونوا قدوة صالحة لدعوتهم المباركة.
 
المقصود بالقدوة الصالحة:
 
أن يكون الدعاة الكرام أسوة حسنة يتأسي بهم الناس في حياتهم ويقتدون بهم في أحوالهم اقتداء بالرسول – صلي الله عليه وسلم – الذي كان أسوة حسنة في إيمانه وعبادته وأخلاقه ومعاملاته ودعوته وسائر أحواله ، والناس جميعا مأمورون بالاقتداء به كما قال تعالي ( لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا ) "الأحزاب 21"
 
أهمية القدوة في حياة الدعاة:
 
1-    الوقاية من عذاب الله يوم القيامة
 
فالله تعالي يقول ( ياأيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) "الصف – 2-3"
 
وقد روي البخاري في صححيه قول الرسول – صلي الله عليه وسلم – يؤتي بالرجل يوم القيامة فيلقي في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلان ما شأنك ؟ أليس كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟قال..كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه ) 
 
2-    أثر القدوة في انتشار الإسلام
 
إن الإسلام كما نعلم انتشر في كثير من بلاد العالم بالقدوة الطيبة للمسلمين التي كانت تبهر أنظار غير المسلمين وتحملهم علي اعتناق الإسلام ، والقدوة الصالحة التي يحققها الداعي بسيرته الطيبة دعوة عملية للإسلام يستدل بها سليم الفطرة راجح العقل من غير المسلمين علي أن الإسلام حق من عند الله ، والمجتمعات المسلمة وغير المسلمة عموماً لا ينقصها عدد الدعاة ولا الوسائل الدعوية فالحمد لله قد انتشرت وسائل الإعلام  بصورة واسعة ولكن البشرية كلها تترقب الدعاة القدوة وكذلك أهل الإسلام القدوة ، فالمنهج الإسلامي صالح لكل زمان ومكان لأنه من عند رب العالمين ، ولكن العيب فينا نحن ، ولذلك من أجل ديننا ونشر دعوتنا يجب أن نجاهد أنفسنا ونكون قدوة صالحة في أقوالنا وأعمالنا.
 
مجالات القدوة :
 
الدعاة إلي الله تعالي يدعون للإسلام بشموله عقيدة وعبادة وأخلاقا وسلوكا – وبالتالي يجب أن يكونوا قدوة في ذلك كله وعليهم أيضا أن يكونوا قدوة في دعوتهم وجهادهم مقتدين برسول الله – صلي الله عليه وسلم – والسلف الصالح – فيلتزمون بالمنهج الإسلامي بشموله واعتداله وتوازنه وتيسيره – وهكذا يصبح الدعاة إلي الله تعالي قدوة صالحة في الباطن و الظاهر والجوهر والمظهر  والمنهج والأسلوب.
 
كيف تتحقق القدوة في حياة الدعاة :
 
أولا- بالصلاح
ويتحقق صلاح الداعية بثلاثة أركان رئيسية ( بالإيمان – والعبادة – والإخلاص )
ثانيا – حسن الخلق
ثالثا – موافقة القول العمل  
 
الأمور التي تتنافي مع  القدوة :
 
هناك بعض الأمور والمظاهر التي تخالف القدوة – وتتواصيبالحذر منهاوعدم الوقوع فيها حتى لا يحدث خلل في القدوة
 
1-    مخالفة القول للعمل
2-    عدم الالتزام بالقول
3-    عدم الانضباط في الموعد
4-    الزلل بجميع صوره القولية والفعلية
5-    الانتصار للنفس
6-    التخلف عن صلاة الجماعة
7-    الابتذال في المظهر والشكل
8-    سوء معاملة الزوج والأولاد والجيران والناس
9-    المخالفات المالية بكل صورها                                                                 
ومساوئ الأخلاق بصفة عامة 
 
المعينات للتحقق بالقدوة الصالحة :
 
-        الاستعانة بالله سبحانه وتعالي والإكثار من دعاء النبي – صلي الله عليه وسلم – اللهم أعني علي ذكرك وشكرك وحسن عبادتك .
 
-        محاسبة النفس – لضمان تزكية النفس وتطهيرها باستمرار من أمراضها كالرياء والعجب والغرور وسائر الذنوب والمعاصي.
 
-        أخذ النفس بالعزائم في العبادات والأوراد ومعايشة القرآن الكريم والسنة المطهرة .
 
-        المطالعة المستمرة في حياة السلف الصالح والعلماء والدعاة الذين سطروا للأمة أروع النماذج في كل نواحي الخير.
 
-        كثرة ذكر الموت والآخرة وتذكر الغاية التي نسعي إليها وهي الفوز برضوان الله والجنة والنجاة من سخط الله وعذابه .
 
-        تعلم العلم النافع – حيث يقول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – ( تعلموا قبل أن تسودوا ) البخاري.
 
-        صحبة العلماء العاملين والصالحين فهم خير معين للارتقاء بالنفس إيمانيا وخلقيا وعلميا وكل نواحي الخير حيث يعيش الداعية في مناخ النصيحة والتربية والتذكير والتواصي ونقل الخبرات والتجارب – ومهما كانت ملكات وقدرات الداعية فهو في حاجة مستمرة لإخوانه ولهذه المناخات التربوية الارتقائية والدعوية والعلمية.  
 
 نماذج عملية في القدوة :
 
النموذج الأول : الرسول صلي الله عليه وسلم :
 
-        ساهم النبي – صلي الله عليه وسلم – في بناء المسجد بنفسه فكان ينقل اللبن والحجارة ويقول : اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة ...   فاغفر للأنصار والمهاجرة .
 
-        وكذلك في حفر الخندق كان أول  أصحابه في ذلك وأكثرهم حفرا وجوعا ومشقة .
 
-        وهكذا كان شأنه – صلي الله عليه وسلم – في كل الأحوال في العبادات فكان أكثرهم صلاة وقيام وصيام وذكر ودعاء وهو القائل – صلي الله عليه وسلم (إني أتقاكم لله وأشدكم له خشية ) رواه الترمذي .
 
-        وكذلك في أخلاقه – صلي الله عليه وسلم – فهو القدوة الصالحة في تواضعه وحلمه وصبره وكرمه وجوده وسائر أخلاقه الشريفة كما قال تعالي ( وانك لعلي خلق عظيم ) "القلم4"
 
النموذج الثاني : عمر بن الخطاب رض الله عنه :
 
في عام الرمادة كان يأكل الزيت وبطنه تقرقر ويقول لبطنه –قرقر ما شئت – فوا لله لا تأكل السمن حتى يأكله الناس
 
النموذج الثالث : نماذج من العلماء:
 
العز بن عبد السلام "رحمه الله" سلطان العلماء وبائع الملوك : العالم القدوة في علمه وثباته وشجاعته – والتاريخ قد شهد بمواقفه البطولية الفذة في مقاومة الظلم والظالمين ومواجهة الصليبين
 
 * علماء وشيوخ الأزهر الشريف :  في مواجهتهم للظلم والاستبداد والاحتلال بكل صوره ، ومن هؤلاء الأفذاذ الشيخ علي الصعيدي ، والشيخ الدردير ، وحسن العدوى ، وحسن الطويل والشيخ الشهيد محمد فرغلي الذي تشهد سيرته العطرة جهاده ضد الانجليز
 
* الإمام حسن البنا "رحمه الله" : الذي شهد له المنصوفون بأنه بحق قد جدد للناس دينهم بعد سقوط الخلافة الإسلامية عام 1924وهو الذي جهز وحرك كتائب المجاهدين لفلسطين المباركة.
 
 
وفي الختام
 
أتضرع إلي الله سبحانه أن ينفعني وإخواني الدعاة وعموم المسلمين بهذه التذكرة الموجزة وان يجعلنا قدوة صالحة للناس جميعا – سائلين الله تعالي رضوانه والفردوس الأعلى – وصلي الله وسلم علي سيدنا محمد وعلي آله وصحبه أجمعين )